ولدت وترعرعت في ليبيا. سافر والدي إلى ليبيا في أوائل التسعينيات للعثور على وظيفة وبناء حياة جديدة. بعد بضع سنوات، متحصلا على وظيفة في ليبيا، عاد إلى مسقط رأسه في السودان ليتزوج. بعد فترة وجيزة من الزواج من والدتي، عادا إلى ليبيا معًا.
كعائلة سودانية تعيش في ليبيا، كانت حياتنا جيدة. لم نقلق أبدًا بشأن أشياء مثل إعالة الأسرة أو القدرة على الحصول على الخدمات الطبية إذا احتجنا إليها. كنت أنا وإخوتي نذهب إلى المدرسة مع عدم وجود ما يدعو للقلق.
تغيرت حياتي بشكل جذري في مارس 2019 عندما أصيب والدي بسكتة دماغية. وجدت نفسي فجأة أواجه مسؤوليات جديدة وكوابيس. أتذكر أنني شعرت بالضياع والارتباك. كعائلة، لم نكن نعرف ماذا نفعل. مدركين جيدًا أن الرعاية الصحية الخاصة باهظة الثمن للغاية، قمنا بأخذ والدي أولاً إلى القليل من المرافق الصحية الحكومية المختلفة في بني وليد، لكن لم يكن لديهم أدوية. لم يتمكنوا حتى من تشخيصه بشكل صحيح حيث لم يكن لديهم المعدات المناسبة مثل جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي أو امكانيات فحص الدم.
ثم أخذنا والدي إلى طرابلس على أمل أن نجد مرفقًا للصحة العامة به طبيب أعصاب وخدمات صحية أفضل لكن للأسف، لم يحالفنا الحظ. مع عدم وجود خيارات متبقية قمنا بنقل إلى عيادة خاصة حيث مكث والدي لمدة 15 يومًا. هناك، تمت مراقبته كما تم إعطاؤه مسكنات للألم وأكسجين. عندما جاءت فاتورة المستشفى صدمنا، كانت الفاتورة باهظة الثمن لدرجة أنه من أجل تغطية التكاليف، كان علينا استخدام مدخرات عائلتنا بأكملها إضافة إلى اقتراض بعض المال. في تلك الاثناء، لم يكن والدي يتعافى، لذلك سافرنا غربًا إلى الزاوية بعد أن حصلنا على معلومات حول منشأة صحية قد تكون قادرة على المساعدة. ولكن بعد فوات الأوان، لم يستطع والدي القتال أكثر من ذلك وتوفي في الزاوية في أواخر مارس 2019.
بينما كنا نحزن على فقدان والدي، مرضت والدتي أيضًا. أتذكر أنني واجهت على الفور نفس مشاعر الخوف والقلق من عدم الحصول على الرعاية الصحية المناسبة في بني وليد. أُدخلت والدتي إلى مستشفى بني وليد لكنها أعطيت سريرًا فقط ولا شيء آخر. اضطررنا مرة أخرى إلى البحث عن رعاية صحية خاصة للوصول إلى فحوصات الدم وفحص التصوير بالرنين المغناطيسي وأي احتياجات طبية أخرى، فضلاً عن شراء جميع الأدوية التي تحتاجها بشكل خاص.
لحسن الحظ، ساعدنا المجتمع السوداني من خلال جمع التبرعات للمساعدة في تغطية نفقات علاج والدتي. سافرنا بعد ذلك إلى مصراتة لرؤية بعض المرافق الخاصة التي اعتقدنا أنها يمكن أن تساعدنا. لكن صحتها لم تتحسن وواجهت نفس المصير المأساوي الذي واجهه والدي وفقدنا والدتي في أغسطس 2020.
شعرت وكأنني فقدت كل شيء في حياتي، تدمرت. رغم ذلك، نحن فقط في أحلك لحظات حياتنا نكتشف نقاط القوة الخفية لدينا. كنت أعلم أن الحياة يجب أن تستمر لذا أخذت دورة تدريبية وبدأت العمل كممرضة في عيادة خاصة، بينما ترك أخي الجامعة وبدأ العمل كسائق تاكسي. هذه ليست الحياة التي تخيلناها لأنفسنا، لكن علينا أن نكون أقوياء من اجل بعضنا البعض.
في عام 2021، سمعت عن برنامج بلديتي ولفت انتباهي على الفور لأنه يركز على تحسين الوصول إلى خدمات صحية أفضل لجميع المجتمعات في ليبيا، بما في ذلك مجتمعي السوداني. كنت سعيدة جدًا عندما عُرض عليّ دور متطوعة في التوعية المجتمعية. تمنحني هذه الوظيفة الفرصة للتأكد من أن ما حدث لوالدي لا يحدث لأي شخص آخر في مجتمعي. كنت أقابل عائلات كانت تواجه تحديات مماثلة لي والآن يمكنني مساعدتهم.
“أنا سعيدة لأنني أستطيع المساهمة في إنقاذ أو تحسين حياة شخص آخر، سواء من خلال تقديم المشورة الصحية حول علاج مرض مزمن أو ببساطة عن طريق إحالة شخص إلى المرفق الصحي المناسب” – نور.
برنامج بلديتي (الانتعاش والاستقرار والتنمية الاجتماعية والاقتصادية في ليبيا) ممول من قبل الاتحاد الأوروبي من خلال الصندوق الاستئماني للاتحاد الأوروبي – نافذة شمال أفريقيا ويتم تنفيذه بشكل مشترك من قبل الوكالة الإيطالية للتعاون التنموي AICS وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP واليونيسيف UNICEF لتحسين الوصول إلى الخدمات الأساسية في 27 بلدية في جميع أنحاء ليبيا. ضمن هذا الإطار، تقوم لجنة الإنقاذ الدولية IRC، بتمويل من الوكالة الإيطالية للتعاون التنموي بتنفيذ أنشطة في 4 بلديات (مصراتة، الخمس، الزنتان، بني وليد) مع التركيز بشكل خاص على تحسين الخدمات الصحية من خلال المعدات والإمدادات اللازمة بالإضافة إلى تدريب المهنيين الصحيين والمتطوعين المحليين مثل نور.